الصحن الكاظمي الشريف يَشهدُ صلاة عيد الفطر السعيد
مع إشراقة اليوم الأول لشهر شوال المكرّم 1445هـ، والذي تجلّت فيه فيوضات الرحمة الإلهية بأروع صورها في مكان يسعها حباً ويضفي عليها ألقاً، شهدت رحاب الصحن الكاظمي الشريف ومنذ ساعات الصباح الأولى وقائع صلاة عيد الفطر المبارك حيث تراصّت صفوف الجموع وهم يؤدون صلاة عيد الفطر السعيد، وزيارة الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام" بإشراف مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني "دام ظله الوارف" وبإمامة ممثل المرجعية الدينية العُليا في مدينة الكاظمية المقدسة سماحة الشيخ حُسين آل ياسين "دامت توفيقاته".
وشهدت شعائر صلاة عيد الفطر المبارك خطبة عبادية دعا في مطلعها بتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان الإمام المهدي المنتظر "عجل الله تعالى فرجه الشريف"، وأكد في خطبته على العقل والورع والطاعة والتقوى والخوف من الله والتماس التوبة والعودة إلى حضرته القدسية مستشهداً بقول رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم": ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، ولا بعث الله نبيا ولا رسولا حتى يستكمل العقل ويكون عقله أفضل من جميع عقول أمته وما يضمر النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، وما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، والعقلاء هم أولو الألباب، الذين قال الله تعالى: (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).
كما استعرض سماحته شذرات من وصايا أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في ليلة استشهاده حين اعتدي بها على الحق والدين والنبوة قائلاً: (هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أخو محمد رسول الله وابن عمه وصاحبه أول وصيتي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله وخيرته، اختاره بعلمه، وارتضاه لخيرته، وأن الله باعث من في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم، عالم بما في الصدور ثم إني أوصيك يا حسن وكفى بك وصيا بما أوصاني به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإذا كان ذلك يا بني ألزم بيتك، وابك على خطيئتك، ولا تكن الدنيا أكبر همك، وأوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محلها، والصمت عند الشبهة، والاقتصاد والعدل في الرضا والغضب، وحسن الجوار، وإكرام الضيف، ورحمة المجهود وأصحاب البلاء، وصلة الرحم، وحب المساكين ومجالستهم، والتواضع فإنه من أفضل العبادة، وقصر الامل، واذكر الموت، وازهد في الدنيا فإنك رهين موت، وغرض بلاء، وصريع سقم، وأوصيك بخشية الله في سر أمرك وعلانيتك وأنهاك عن التسرع بالقول والفعل، وإذا اعرض شيء من أمر الآخرة فابدء به، وإذا عرض شيء من أمر الدنيا فتأن حتى تصيب رشدك فيه، وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء، فإن قرين السوء يغير جليسه، وكن لله يا بني عاملا وبالمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا، وواخ الإخوان في الله.
وأحب الصالح لصلاحه، ودار الفاسق عن دينك. وأبغضه بقلبك، وزايله بأعمالك كيلا تكون مثله، وإياك والجلوس في الطرقات، ودع المماراة ومجاراة من لا عقل له ولا علم، واقصد يا بني في معيشتك، واقتصد في عبادتك، وعليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه، وألزم الصمت تسلم، وقدم لنفسك تغنم، وتعلم الخير تعلم، وكن لله ذاكراً على كل حال، وأرحم من أهلك الصغير، ووقر منهم الكبير، ولا تأكلن طعاما حتى تصدق منه قبل أكله، وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لأهله، وجاهد نفسك، واحذر جليسك، واجتنب عدوك، وعليك بمجالس الذكر وأكثر من الدعاء فاني لم آلك يا بني نصحا، وهذا فراق بيني وبينك.
وأما أخوك الحسين فهو ابن أمك ولا أريد الوصاة بذلك، والله الخليفة عليكم، وإياه أسأل أن يصلحكم وأن يكف الطغاة والبغاة عنكم، والصبر الصبر حتى ينزل الله الامر، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).
ثم ابتهل المصلون إلى الله العليّ القدير بالدعاء بتعجيل فرج القائم من آل محمد "عجل الله فرجه الشريف" وأن يجعل عيدنا تحقيقاً للغايات المنشودة، وأن يعم الأمن والأمان على العراق بلد الأنبياء والأوصياء وأن يبعد عنه ويجنبه كلّ مكروه ويجعل دائرة السوء تدور على كل من يريد به غير الخير.
من الجدير بالذكر وجّه الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة، خادم الإمامين الكاظمين الجوادين الدكتور حيدر حسن الشمّري، أقسام العتبة المقدسة مضاعفة الجهود لاستقبال الزائرين الكرام الذين يتوافدون خلال أيام عيد الفطر السعيد لزيارة الإمامين الكاظمين "عليهما السلام"، وتقديم أفضل الخدمات لهم بإذنه تعالى.