العتبة الكاظمية المقدسة تستضيف تجمع بغداد الحسيني لإحياء ذكرى ولادة أبي الحسن المرتجى الإمام علي الرضا "عليه السلام"
مع بزوغِ فجرِ يومِ الحادي عشر من شهر ذي القعدة تتوارى الشمس حياءً وخجلاً لولادة شمس الشموس وأنيس النفوس، الذي تشرّفت بمرقده أرض طوس الإمام علي بن موسى الرضا "عليه السلام"، وابتهاجاً بهذه المناسبة المباركة استضافت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة الحفل الذي نظّمه تجمع بغداد الحسيني، والمُقام ضمن فعاليات الأسبوع الرضوي بعنوان: (أسبوع ضياء الرضا علي "عليه السلام" ونور المعصومة فاطمة "عليها السلام")، إذ توافدوا بمسيرة ولائية من شارع باب المراد صوب الصحن الكاظمي الشريف، مرددين أهازيج الفرح بهذه المناسبة المباركة.
استهل الحفل المبارك بتلاوة من الذكر الحكيم عطر بها أسماع الحاضرين السيد قاسم الزاملي، بعدها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة ألقاها نائب أمينها العام المهندس سعد محمد حسن جاء فيها قائلاً: (نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات في مقام مولانا صاحب العصر والزمان، عجل الله فرجه الشريف، وإلى مراجعنا العظام، وإلى الأمة الإسلامية جمعاء، بمناسبة ذكرى ولادة شمس الشموس، الإمام علي بن موسى الرضا "عليه السلام"، وشقيقته الطاهرة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر "عليهما السلام".
وأضاف: أن هذه المناسبة المباركة هي محطة لاستذكار سيرة النور والهداية، التي جسدها هذان العلمان العظيمان، من آل محمد "صلوات الله وسلامه عليهم"، فقد كان الإمام الرضا "عليه السلام" مدرسةً في العلم والصبر والتقوى، وسفيراً للإسلام في زمن غلب عليه الظلم وغصب الحقوق والانحرافات الفكرية والعقائدية، فأخذ ينشر الهدى والحكمة والموعظة الحسنة، حتى صار مهوى أفئدة المحبين والموالين، الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ستدفن بضعة مني بخراسان، ما زارها مكروب إلا نفّس الله كربته ولا مذنب إلا وغفر الله ذنوبه).
كما أوضح عن السيدة معصومة "عليها السلام" قائلاً: كانت مثالاً للعلم والعفاف، وبلغت من الفضل والمقام، ما جعل لزيارتها أجراً عظيماً، حيث قال الإمام الجواد "عليه السلام": (من زار قبر عمتي بقم فله الجنة)، كما ورد عن أخيها الرضا "عليه السلام": (من زارها عارفاً بحقها فله الجنة)، وإن العتبة الكاظمية المقدسة، وهي تحيي هذه المناسبات المباركة، تُجدد العهد بالسير على نهجهم، وتُؤكد مسؤوليتها في نشر علومهم وتعاليمهم، وبث روح المحبة والوحدة بين أبناء الأمة الإسلامية).
أعقبها كلمة قيمة لممثل المرجعية الدينية العُليا سماحة الشيخ حُسين آل ياسين "دامت توفيقاته" تقدّم في مطلعها بجزيل الشكر والتقدير لإدارة العتبة الكاظمية المقدسة، ولتجمع بغداد الحسيني" على هذه المبادرة الطيبة.
بعدها بدأ حديثه بقوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ"، حيث استعرض فيها موضوع الإمامة قائلاً: أن الذين اصطفاهم الله تعالى هم أئمتنا "عليهم السلام"، امتداد لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، مُصطفَون من قِبل الله "أئمة"، فإمامنا الرضا "عليه السلام"، لم ترفعه ولاية العهد القهرية التي فرضها عليه المأمون بالإكراه، فهو إمام منصوص عليه، مختار من قبل الله، نور مع جده وآبائه، يحدق بالعرش كما ورد.
لا بد من فهم النبوة والإمامة، هي أمر إلهي، وليست وظيفة سياسية أو اجتماعية من هنا، علينا إدراك عظمة الأئمة كما أرادها الله، لا كما يصورها الناس أو الإعلام أو السلطة).
كما أشار سماحته إلى رواية عن الإمام الصادق "عليه السلام" حيث قال: (احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم، فإن الغلاة شر خلق الله، يصغرون عظمة الله، ويدعون الربوبية لعباد الله، والله إن الغلاة شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا)، فعلينا جميعاً أن نكون كما أراد رب العالمين، وكما علمنا رسول الله والثقلان من العبودية والذل له سبحانه وتعالى، ومن الاتباع والطاعة والتوقير والتعزيز لرسول الله وأهل بيته "صلوات الله عليهم أجمعين"، نعم نعظمهم ونواليهم كما أراد رسول الله ولا نخرج عن الحدّ الذي رسمه "صلى الله عليه وآله وسلم".
تلاها مشاركة لفرقة إنشاد الجوادين، والرادود عمار الكناني، إذ تألقوا بقصائدهم الغرّاء حين صدحت حناجرهم حباً وولاءً لإمامهم أبي الحسن علي بن موسى الرضا "عليه السلام"، واختتم الحفل بقراءة دعاء الفرج المبارك لتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان "عجل الله فرجه الشريف".
وبدورها تؤكد الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة من خلال الأنشطة والفعاليات على ضرورة مواصلة إحياء معالم مدرسة أهل البيت "عليهم السلام"، والنهوض بمستوى وعي الأمة المُسلمة وإعدادها إعداداً رسالياً صحيحاً وهي تواجه التحديات الكبيرة التي غزت الساحة الثقافية الرصينة لتحييد شبابنا عن طريقهم القويم.